بيان المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة حنان بلخي حول زيارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة | الأخبار
11 يوليو/تموز 2024، القاهرة، مصر ـ عدت للتو من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث زرت الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وجنين، وغزة.
إن الوضع في غزة مقلق على المستويين الإنساني والإنساني. لقد رأيت بنفسي حجم الدمار: الأرواح والمنازل في حالة خراب، والمستشفيات غارقة، والمدينة مدمرة بالكامل.
ويؤدي نقص الوقود إلى إعاقة كافة العمليات الصحية والإنسانية.
لقد تسببت مياه الصرف الصحي المتدفقة وأكوام القمامة في تدمير الشوارع، وانتشار رائحة النفايات المخمرة في الهواء. ويوفر هذا الوضع بيئة مثالية لانتشار الأمراض، مما يؤدي إلى زيادة حالات الإسهال المائي الحاد والتهابات الجهاز التنفسي الحادة.
إن العنف المستمر وانهيار القانون والنظام يدمر مدينة مشلولة بالفعل ويخلق بيئة شديدة الخطورة، ليس فقط على عمال الإغاثة ولكن على الجميع في غزة.
كما أن انهيار القانون والنظام يجعل من المستحيل تقريباً التعامل مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، مما يعرض الفلسطينيين النازحين لمخاطر إضافية تهدد حياتهم.
التقيت بموظفي منظمة الصحة العالمية في غزة، وكثير منهم من الموظفين المحليين الذين واجهوا خسائر ومعاناة شخصية. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإنهم يواصلون المخاطرة بحياتهم لتوصيل الوقود والإمدادات الطبية إلى المستشفيات، ونقل المرضى إلى أماكن آمنة ورعاية، ويحاولون التغلب على التأخير والعقبات على طول الطريق.
ونتيجة لتزايد الأعمال العدائية وتزايد الاحتياجات، وسعت منظمة الصحة العالمية سلسلة إمداداتها الطبية إلى غزة. ومع ذلك، لا يزال الكثير من هذه المساعدات عالقاً على الجانب الخطأ من الحدود، ولا يصل إلى غزة سوى جزء ضئيل منها.
وحتى عندما تدخل الإمدادات إلى غزة، فإن انهيار القانون والنظام مرة أخرى يجعل من الصعب على فرقنا إيصالها إلى المستشفيات التي تحتاج إليها بشكل عاجل.
لقد قمت بزيارة المستشفى الميداني التابع للهيئة الطبية الدولية في دير البلح، والذي تم نقله مرتين وتضاعفت قدرته الاستيعابية ثلاث مرات خلال الأشهر القليلة الماضية. وهناك، التقيت بجنى البالغة من العمر 7 سنوات والتي تعاني من سوء التغذية الحاد، والتي تم إجلاؤها من كمال عدوان في الشمال قبل ثلاثة أشهر، وما زالت تنتظر الإجلاء خارج غزة.
جانا هي واحدة من أكثر من 10 آلاف مريض يحتاجون إلى رعاية متخصصة خارج القطاع، ولكنهم ما زالوا غير قادرين على المغادرة منذ 7 مايو/أيار. وتتراوح حالاتهم من إصابات رضية إلى أمراض مزمنة وغيرها.
وفي اجتماعاتي مع مهند هادي، نائب منسق الأمم المتحدة الخاص ومنسق الشؤون الإنسانية المقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، اتفقنا على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المعاناة في غزة.
إننا بحاجة إلى أن تقوم الدول الأعضاء بسرعة بالوفاء بمهامها الدبلوماسية العالمية وتسريع التوصل إلى هدنة فورية.
نحن بحاجة إلى فتح جميع الحدود، بما في ذلك معبر رفح، للسماح بتدفق الوقود والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات الإنسانية الأساسية.
ونحن بحاجة إلى أن يتمكن أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية من الخروج.
قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ورغم الحاجة إلى الحصول على تصاريح، كان بوسع سكان غزة الحصول على الرعاية الطبية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. ولابد من استعادة هذا القدر من القدرة على الوصول إلى الرعاية الطبية. ولابد أيضاً من السماح لأولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية الطبية في بلدان أخرى بالخروج دون مزيد من التأخير.
إن أهل غزة يحتاجون إلى أكثر من مجرد الغذاء والماء والدواء، بل إنهم يحتاجون إلى الحماية والسلام والأمن والكرامة. وقد أخبرني أحد الرجال: “إننا نتوق إلى وقف إطلاق النار، وإلى فرصة للعيش بلا خوف”.
قالت لي امرأة إنها لديها سؤال واحد يجب على العالم أن يجيب عليه. سألتني ثلاث مرات: “هل تعتبرنا بشرًا؟”
خلال زيارتي التي استمرت 11 يوما، سافرت إلى الضفة الغربية، حيث رأيت وضعا صحيا يتدهور بسرعة. وفي مستشفى جنين العام وعيادة الأونروا، علمت عن مقتل أو إصابة العاملين في مجال الصحة بسبب الهجمات المتكررة ورأيت أضرارا جسيمة في البنية التحتية والمعدات الطبية.
ونظراً لتضرر الطرق وصعوبة الوصول، قامت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، بما في ذلك جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بإنشاء خدمات طبية متنقلة للوصول إلى الأشخاص في نقاط الإصابة.
وفي مستشفى جنين العام وستة مستشفيات أخرى في الضفة الغربية، دعمت منظمة الصحة العالمية التدريب على إدارة الإصابات الجماعية والتخطيط للاستجابة لها. ويتمثل هدفنا في توفير رعاية سلسة وفعالة للصدمات على كافة المستويات، استناداً إلى الدروس المستفادة من غزة.
وبينما ندعم الحق في الصحة لجميع الفلسطينيين، يتعين علينا أيضاً أن نعمل على تعزيز أنظمة الصحة الهشة بالفعل في البلدان المجاورة، بما في ذلك الأردن ولبنان وسوريا.
إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى والجرحى بين المدنيين والعاملين في مجال الصحة، والنزوح، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الصحية.
لقد نشأت أجيال بأكملها في منطقتنا ولم تعرف سوى الصراع والحرمان. إن معالجة الأسباب الجذرية والسياسية لهذه الحالات الطارئة لا تشكل ضرورة إنسانية فحسب، بل إنها تشكل استثماراً استراتيجياً في الاستقرار والأمن الإقليميين.